تحقيق: محمد إبراهيم
التطوير وسيلة جادة لضمان التنمية وتحقيق الجودة في مختلف القطاعات، لاسيما قطاع التعليم، فمع كل عام دراسي جديد يشهد الميدان التربوي تعددية في مظاهر التطوير على مختلف الصعد، وتعد مدارس الأجيال وافداً جديداً يدخل الخدمة العام الدراسي الجديد 2022-2023، إذ يبلغ عددها 10 مدارس وتحتضن في أولى محطاتها 5902 طالب وطالبة، لتجسد نمطاً جديداً للمدارس الحكومية في عباءة دولية.
ويرى خبراء وتربويون أنها إضافة جديدة لمنظومة التعليم الوطني، وتمثل إحدى النماذج المطورة التي تجمع القطاعين، الحكومي والخاص، في مسار فاعل لبناء الأجيال، يجمع المعارف والعلوم الوطنية بنكهة دولية بمتغيراتها ومستجداتها، معتبرين إياها خطوة جادة لتمكين التعليم الحكومي، والارتقاء بجودة المخرجات وفق احتياجات ومتغيرات المستقبل.
معلمون أكدوا أن هذا النموذج التعليمي، يحتاج إلى كوادر تدريسية مؤهلة وتمتلك مهارات وقدرات مهنية تستطيع من خلالها إدراك مفاهيم دمج المناهج الوطنية بالصبغة العالمية، وينبغي أن يكون هناك برامج تدريبية نوعية، لتمكين معلمي مدارس الأجيال المهارات والاستراتيجيات الحديثة، لترجمة أهداف المسار التعليمي الجديد بدقة ومرونة.
ويرى عدد من أولياء الأمور أن المدارس الحكومية باتت مطمحاً لمعظم الطلبة في الميدان التربوي، إذ إنها في حالة تطوير دائم عاماً تلو الآخر، ومدارس الأجيال تعد نمطاً تعليمياً مطوراً يضاف إلى إنجازات التعليم الحكومي، مؤكدين أهمية التوسع في تلك المدارس، وإتاحة الفرصة أمام الطلبة المقيمين، للالتحاق بتلك المدارس.
«الخليج» تناقش مع فئات الميدان التربوي، أهمية مدارس الأجيال كنموذج تعليمي جديد يدخل الخدمة مع بداية العام الدراسي الجديد 2022-2023، والوقوف على طموحات الوالدين نحو هذا النمط.
رعاية الأجيال
تعد مدارس الأجيال ترجمة واقعية لرعاية الأجيال، وتوفير نظام تعليمي متميز ونوعي يركز على الاعتزاز باللغة العربية التي تعد جزءاً لا يتجزأ من عناصر الهوية الوطنية لدولة الإمارات، ودستورها، والقيم الدينية والوطنية والاجتماعية والإنسانية، هذا ما وصل إليه الدكتور عيسى صالح الحمادي مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج الأستاذ المساعد بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، في بداية حديثه ل«الخليج»، إذ أكد أن مناهج الرياضيات والعلوم تسهم في إعداد جيل مؤهل بالمستجدات والكفاءة العلمية والتطوير المستمر للمناهج، وهو الدور الذي ستقوم به المؤسسات التعليمية ذات الخبرة الدولية التي تواكب تلك المستجدات والمتغيرات في المناهج، فضلاً عن الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة للدولة التي تتكفل بكامل التكاليف إيماناً منها بأهمية العلم والمتعلمين ومسيرة بناء الأجيال.
تطوير التعليم
ويرى أن مدارس الأجيال تعد خطوة جادة في إطار الجهود الرامية للنهوض بالتعليم وتطويره، وصناعة جيل المستقبل وإكسابه المهارات والمعارف والقيم كافة، التي تكسبه مادة صلبة للمساهمة في بناء مستقبل وطنه منطلقاً معتزاً بهويته ولغته، متسامحاً متعايشاً بقيمه الأصيلة، ومبدعاً ومبتكراً بالعلوم والمعارف التطبيقية وفق خبرات تعليمية عالمية.
وأكد أهمية إعداد وتدريب المعلم الإعداد الأمثل الذي يلبي احتياجات هذا النوع من المدارس وطموحاته، حيث سيوفر تنوعاً في المناهج الدولية التي تركز على جودة المخرجات التعليمية لتؤدي في النهاية إلى تعزيز جودة في اكتساب الطلبة المهارات والمعارف.
وأفاد بأن مجتمع التعليم في الإمارات يركز في مضمونه على صناعة إنسان المستقبل، ومدارس الأجيال إضافة جديدة لمنظومة التعليم الوطني، ونبارك للميدان التربوي النموذج التعليمي الجديد الذي يستهدف 14 ألف طالب، وفق مراحل ممنهجة، ويجسد نمطاً تعليمياً نوعياً، يمتاز بالجودة وفق معايير عالمية، في مجال التعليم وتطوير الأنظمة والسياسات التعليمية والتربوية، والأسس المهنية والتعليمية والتربوية التي تحاكي التنافسية العالمية.
أداة فاعلة
شرحت الخبيرة التربوية نور أبو سنينة، أهمية مدارس الأجيال، إذ أكدت أنها تجسد فكراً جديداً في النظام التعليمي الوطني، ويمكن اعتبارها أداة فاعلة للارتقاء بمستوى المخرجات في المواد العلمية التي يركز عليها المستقبل وأسواق العمل، لاسيما أبناء الحلقة الأولى التي تعد مرحلة مهمة في بناء مهارات وممكنات الطالب، موضحة أن عملية الدمج بين المناهج الوطنية والدولية ترتقي بمفاهيم المتعلمين ومستوياتهم المهارية والمعرفية، وتسهم في توسيع آفاق المخرجات التعليمية، وتعزيز مفاهيم التنوع الثقافي والمهاري وأهمية العلوم المتقدمة حالياً ومستقبلاً.
وترى أن النموذج الجديد من المدارس الحكومية، يعد حلقة جديدة في سلسلة التطوير النوعي في التعليم بالدولة، إذ يسجل نقلة نوعية جديدة في مسيرة بناء الأجيال، ويسهم في إثراء الأنماط التعليمية في الميدان التربوي، وهذا من شأنه تمكين الطالب، وتوفير خيارات متعددة لولي الأمر في اختيار النمط الأمثل لأبنائه، موضحة أن هذا النموذج قادر على تذليل العقبات التي قد نجدها في مسيرة تعليم الأبناء، لاسيما أنه يركز على النوعية والوسائل الحديثة في الحصول على التعليم.
وقالت إن الإمارات تركز في جميع مراحل تطوير التعليم على النهوض بالعلم ومخرجاته وكوادره ووسائل إدارته، والنموذج الذي نشهده العام الدراسي الجديد 2022-2023، باكورة تطورات المشهد التعليمي التي من المتوقع أن نراها قريباً، وعلى الميدان التربوي أن يتأهب لنماذج وأنماط تعليمية جديدة وحديثة ضمن المشاريع التعليمية خلال الأشهر القليلة المقبلة.
صورة مطورة
في وقفة مع التربويين: سلمى عيد، وشيماء الحسيني، ووليد لافي، صالح فاضل، أكدوا أن مدارس الأجيال تجسد صورة مطورة للتعليم الوطني، إذ تستند إلى رفد الطلبة بالمهارات في المواد العلمية وفق النظم التعليمية العالمية بمستجداتها ومتغيراتها، عبر وسائل تعليمية حديثة، مستهدفة مرحلة مهمة في مسيرة الطلبة التعليمية، معتبرين أن هناك فرصة كبيرة للارتقاء بمستويات طلبة الحلقة الأولى في العلوم والرياضيات والمواد الناطقة بالعربية وفق طرائق تعليمية واستراتيجيات تعلم جديدة تحت مظلة هذا النموذج.
وقالوا إن النموذج التعليمي الجديد الذي يعد الوافد الجديد في العام الدراسي 2022-2023، يركز على المحافظة على الهوية الوطنية بالمناهج الوطنية واللغة العربية، ما ينعكس إيجابياً على مستوى مخرجات تلك المدارس، معتبرين أن مدارس الأجيال تشكل نقلة نوعية في نظام التعليم الوطني، الذي يركز على بناء مخرجات وطنية قادرة على التعاطي مع المستقبل ومستجداته في مختلف المجالات.
مهارات متقدمة
المعلمون: إبراهيم القباني، وريبال غسان العطا، ورمضان محمد، وسحر ناصر، أكدوا أن مدارس الأجيال نموذج أكاديمي مطور يستند في نطاق عمله إلى المهارات والعلوم المتقدمة، مع المحافظة على الهوية الوطنية واللغة العربية، إذ تأتي مناهجه في صبغة وطنية دولية، وهذا ما يجعله جديداً في الميدان التربوي.
وقالوا إن هذا النموذج يحتاج إلى كوادر تدريسية وإدارية وفنية، بمهارات وقدرات متميزة، لإنجاح هذه المدارس وتحقيق أهدافها المنشودة والارتقاء بمخرجاتها، وهنا تأتي أهمية التدريب والتأهيل المستمر، فضلاً عن أهمية المتابعة والمطالعة الدائمة لمعلمي هذه المدارس على المتغيرات الواردة والتطورات في استراتيجيات التعليم وطرائق التدريس، إقليمياً وعالمياً، موضحين أن مجتمع التعليم سيشهد خلال السنوات الأربع المقبلة أول جيل تعلم وفق أسس وطنية تحاكي العالمية.
استنهاض الطاقات
أما أولياء الأمور: سهام زايد وعلي محمود وعبد الله الحسيني ومثياء حمدان، فأكدوا أن التعليم الحكومي أصبح مطمحاً لمعظم الطلبة في الميدان التربوي، نظراً لتطوره الدائم عاماً تلو الآخر، الأمر الذي جعله ينافس بقوة النظم التعليمية الأخرى داخل الدولة وخارجها.
وقالوا إن مدارس الأجيال نموذج تعليمي مطور يستنهض طاقات الأبناء في الحلقة الأولى، ويوظف مهاراتهم ويرفدهم بمعارف وعلوم وفق طرائق جديدة واستراتيجيات ممنهجة، معتبرين أن مخرجات تلك المدارس ستكون الأفضل بفكرها وطريقة تعاطيها مع مفاهيم التعليم في المراحل الأخرى، لاسيما محتوى الدراسة في تلك المدارس وطني مدمج بصبغة دولية.
قراءة المستجدات
وفي وقفة ل«الخليج» مع مستجدات مدارس الأجيال التي تعد الوفد الجديد للميدان التربوي في العام الدراسي 2022-2023، لاحظت أنها استهلت المرحلة الأولى من عملها بمجموعة من مدارس الحلقة الأولى على مستوى الدولة، لتطوير المستوى العلمي لأبناء تلك الحلقة، وتقتصر تلك المدارس على الطلبة الإماراتيين ومن في حكمهم من الملتحقين بالمدارس الحكومية ضمن النطاق الجغرافي لهذه المدارس، وهناك توقعات بإتاحة فرصة الالتحاق لجميع الطلبة وفق معايير واشتراطات محددة خلال المراحل المقبلة.
وتركز مناهج تلك المدارس على الجمع بين المناهج الوطنية التي تضم اللغة العربية والتربية الوطنية والتربية الإسلامية والاجتماعيات، والمناهج الدولية في المواد العلمية التي تضم «الرياضيات والعلوم بمكوناتها»، على أن تشرف مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي على المناهج الوطنية، فيما يقدم مزودو الخدمات التعليمية خدمات تشغيل المناهج الدولية.
نتائج وتقارير
تركز المؤسسة على بقاء الهيئة التدريسية الإماراتية في الميدان التربوي، والتي تعد الرهان الرابح للمحافظة على الهوية الوطنية الإماراتية، وأصالتها في مدارس الأجيال، وسوف يمتد نموذج المدارس الحكومية الدولية ليشمل الصفين الخامس والسادس في عام 2024، وفي حال اعتماد صفوف جديدة سوف يتم التواصل مع أولياء الأمور وإبلاغهم بالمستجدات المتعلقة بالتوسع في نطاق هذا النموذج التعليمي في الميدان.
ومن المقرر أن تحتفظ مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي بنتائج وتقارير الطلبة في ملفاتهم، لمعادلتها بحسب العلامات المعمول بها، ولم يكن هناك أي تأثيرات في الامتيازات الجامعية للطالب في المستقبل، ويركز النموذج الجديد على تحقيق شراكة فاعلة بين المؤسسة والمدرسة وولي الأمر، ومن المتوقع أن يفرز هذا النموذج أدواراً جديد لأولياء الأمور في العملية التعليمية لأبنائهم، لاسيما وأنه من المنتظر أن تكون هناك عقود شراكة مع أولياء الأمور لبناء تعاون أكبر بين الأسرة والجهات التعليمية.
خريطة المدارس
تم اختيار عشر مدارس على مستوى الدولة لهذا النموذج التعليمي الجديد، بواقع مدرستين في دبي «المزهر، آل مكتوم»، واثنتين في الشارقة «القرائن، والفرقان»، واثنتين في رأس الخيمة «الوادي والمعيريض»، ومدرسة واحده في كل من عجمان وأم القيوين والفجيرة.
وأسندت مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي مهام ومسؤوليات إدارة وتشغيل مدارس الأجيال إلى ثلاثة من مزودي الخدمات التعليمية في القطاع الخاص، إذ تركز مجموعة الدار على تقديم أعلى المعايير العالمية، وتلتزم بتمكين الجيل، فيما تسعى مؤسسة «تعليم» إلى تطوير مهارات الطلبة الفردية، وتقديم أفضل المناهج الدولية، فيما تقدم «بلووم» أعلى المعايير الدولية في التعليم، لتمكين الطلبة من استكشاف إمكاناتهم وقدراتهم.
التعليقات