لا تزال التقارير المتداولة عن شراء الحكومة المصرية لطائرة رئاسية جديدة، تستأثر باهتمام العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد.
وعلى موقع “تويتر”، انبرى مؤيدو ومعارضو الحكومة في تبادل الاتهامات، وراح كل طرف يدّعي حقيقة امتلاك تلك الطائرة .
ففي الوقت الذي قدر فيه البعض قيمة الطائرة بـ 500 مليون دولار، نفى آخرون ذلك وانتقدوا مبالغة البعض في تقدير قيمتها.
وتماشيا مع الجدل، ظهرت وسوم وهاشتاغات مضادة: منها ما يسخر من المسؤولين المصريين، ويتهمهم بتجاهل معاناة المواطن المصري، ومنها ما يدافع عنهم ويتهم المعارضين بنشر الشائعات لتأليب الرأي العام.
فماذا نعرف عن تلك الطائرة؟ وكيف تفاعل مصريون مع التقارير المتداولة؟
ما قصة الطائرة؟
تفجر الجدل بعد أن نشر موقع “سيمبل فلاينغ” المتخصص في أخبار الطيران تقريرا بعنوان “مصر توشك على الانضمام إلى نادي الدول الحصري الذي يستخدم طائرة بوينغ 747-8 لنقل كبار المسؤولين الحكوميين”.
كما أشار التقرير الذي نشر أواخر أغسطس/ آب الماضي إلى أن طائرة بوينغ العملاقة التي اشترتها مصر العام الماضي بقيمة 487 مليون دولار أمريكي، أقلعت الأسبوع الماضي إلى شانون في إيرلندا، لطلائها”.
وبحسب الموقع ذاته، فإن شركة “بوينغ” كانت قد شرعت في عام 2011 في بناء أسطول يتكون من 20 طائرة لصالح شركة الطيران الألمانية “لوفتهانزا”، لكن “بوينغ” كانت بحاجة لإبقاء واحدة من طائرات “لوفتهانزا” لإجراء عدة اختبارات للطيران، وفي نهاية المطاف تم إبقاء الطائرة وتخزينها لفترة طويلة، حتى خريف عام 2021.
وأشار التقرير إلى أنه تم بيع الطائرة للحكومة المصرية في ذلك العام، وسجلت باسم “SU-EGY”.
وبمجرد الانتهاء من طلائها، ستحل طائرة 747-8i الجديدة محل طائرة الرئاسة المصرية من طراز “إيرباص A340” التي دخلت الخدمة منذ 28 سنة.
وردا على الجدل الدائر، أكد الإعلامي مصطفى بكري، شراء الطائرة لكنه أشار إلى أن بعض وسائل الإعلام “تعمدت نشر فيديوهات مفبركة وشائعات عن الطائرة والصفقة”.
ونفى بكري شراء الرئاسة المصرية طائرة جديدة بقيمة 500 مليون دولار أمريكي، مضيفا أن السعر الذي تعاقدت عليه مصر في 2019 هو 240 مليون دولار.
وتابع” الرئاسة المصرية لا تمتلك سوى طائرة واحدة متهالكة منذ 28 عاما وقد حذرت الشركة المصنعة من أن الطائرة لن تكون صالحة للاستخدام من الناحية الفنيةبعد عام 2023″.
انتقادات وسخرية عبر “#هو_إحنا_فقرا_ليه”
وكان مغردون مصريون قد أعربوا عن استيائهم من ارتفاع تكلفة شراء الطائرة في الوقت الذي تعاني فيه مصر من أزمة اقتصادية خانقة، زادت حدتها أكثر بفعل الحرب الدائرة في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة.
وانتقد فريق من المغردين ما وصفوه بـ “غياب الشفافية”، وطالبوا بإعداد تقرير يكشف عن الإجراءات التي اتبعت لشراء الطائرة ومدى صلاحيتها وتميزها عن الطائرة القديمة.
كما سخر آخرون من التبريرات التي ساقها بكري لدى حديثه عن الطائرة وحاول البعض الرد عليهامن خلال إطلاق رسوم كاريكاتورية.
وشارك الكثير من المعارضين المصريين في الداخل والخارج في النقاش حول الطائرة، إذ تطرق بعضهم للمشاريع التي أطلقتها الحكومة المصرية في السنوات الأخيرة.
ويرى نشطاء سياسيون ومعلقون أن “التقارير الأخيرة التي تناولت تفاصيل شراء الطائرة الرئاسية كشفت التناقض الواضح في تصريحات الحكومة وضعف المشاريع التي تتبانها “.
كما قام بعضهم باستدعاء تصريحات قديمة للحكومة ومسؤوليها من خلال إطلاق مجموعة من الوسوم الساخرة.
وكان وسم #هو_إحنا_فقرا_ليه قد احتل مركزا متقدما في لائحة الوسوم لساعات معدودة يوم السبت قبل أن يختفي ليظهر بعدها وسم مشابه ومختصر بعنوان #هو_احنا.
وعادة ما يستخدم البعض ذلك الوسم للإشارة لتصريحات قديمة للرئيس، عبد الفتاح السيسي. فخلال المؤتمر الوطني للشباب، الذي انعقد في 28 يناير / كانون الثاني 2017، قال السيسي ردا على المطالبات برفع الحد الأدنى من الأجور:”لا ياريت حد يقولكم إن إحنا فقرا أوي، فقرا أوي، هنسمع الكلام، إحنا بنقول لكم المرض، آه يبقى احنا هنصمد إحنا هنكافح ونبني وإحنا نقولهم إن رغم فقرنا سنبقى كبار”.
اتهامات بإرباك المصريين
على الجانب الآخر، وقف المدافعون عن الحكومة ليعبروا عن دعمهم للرئيس عبد الفتاح السيسي.
ويرى مصريون أن السيسي “نجح في عملية الإصلاح من خلال إحداث مشاريع قومية وعملاقة عالجت نواقص البنية التحتية ومشاكل الماضي”. لذا فهم يرون في شراء الطائرة الجديدة خطوة تحفظ لمصر هيبتها في المحافل الدولية.
واستدل هؤلاء بتقارير للتأكيد على أن مصر ليست الدولة الوحيدة التي تستخدم طائرة “بوينغ 747-8” لنقل الرؤساء، إلا أن آخرين ردوا عليهم بتقارير تتحدث عن توجه دول أخرى للاستغناء عن الطائرات الرئاسية في أوقات الأزمات باعتبارها “من الكماليات التي يمكن التخلي عنها”.
وكذلك يؤكد البعض الآخر على حق المصريين في التعبير عن اعتراضهم على سياسات الحكومة، غير أنهم يحذرون في الوقت ذاته من الوسوم الداعية إلى إسقاط النظام ويعدونها “جزء من حملات ممنهجة يقودها الإخوان لإشاعة الفوضى والقضاء على الدولة”.
وبدوره، حذر الإعلامي محمد الباز من “هو احنا فقراء ليه” الذي يتنشر من بين الفينة والأخرى على موقع تويتر مضيفا بأن ” الهاشتاغ المغرض يأتي في إطار حرب نفسية لتأليب المصريين وإرباكهم”.
وتابع الباز خلال برنامجه “آخر النهار” المذاع على قناة النهار ” من الصعب أن يكون شعبنا فقيرا لأنه يستطيع التحايل على الحياة ويستطيع التعايش معها حتى مهما كان دخله”.
وأضاف “لو تعاملنامع الهاشتاغ بجدية فلابد من البحث عن الأسباب الحقيقة التى أوصلتنا إلى هذا الوضع ثم استدل بمثل شعبي قبل أن يختم حديثه محذرا من “أن نشر الإحباط يعد جريمة تهدد الأمن القومي”.
وفي كل مرة يظهر فيها وسم جديد يرصد الوضع الاقتصادي في مصر، يحتد النقاش بين مؤيدي الحكومة ومعارضيها عبر مواقع التواصل.
وشهدت مصر مؤخرا ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع وخاصة السلع الغذائية، وتراجعا في سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولا.ر
وفي أبريل/ نيسان الماضي بلغ معدل التضخم السنوي 14.9 في المئة، مقابل 4.4 في المئة خلال نفس الشهر العام الماضي.
كما تعد مصر واحدة من بين دول العالم الأكثر تأثرا بالحرب في أوكرانيا، الأمر الذي دفع الحكومة إلى إطلاق حزمة من الإجراءات والخطط بما فيها خيار اللجوء لصندوق النقد للمرة الثالثة.
وقدَّرت الحكومة المصرية تكلفة الأثر المباشر للحرب الروسية الأوكرانية على موازنة البلاد بنحو 130 مليار جنيه (7.1 مليار دولار) سنويا.
التعليقات