- نيكولاس باريت
- بي بي سي نيوز
أسعار الغاز في القارة الأوروبية الآن أعلى بحوالي 10 مرات من متوسط مستواها خلال العقد الماضي.
في فبراير/شباط 2021 كان يتم تداول الغاز في المملكة المتحدة بسعر 38 بنساً لكل ثيرم (وحدة استهلاك الغاز). لكن وصل سعره هذا الشهر إلى 537 بنس. فما الذي يدفع تلك الأسعار إلى الصعود؟
ما الذي حدث في العام الماضي؟
ارتفعت أسعار الطاقة في جميع أنحاء العالم بشكل حاد مع رفع الإغلاق الذي فرضته معظم البلدان للحد من تفشي فيروس كورونا، وعودة الاقتصادات إلى طبيعتها.
أصبحت العديد من أماكن العمل والصناعة والترفيه فجأة بحاجة إلى مزيد من الطاقة في وقت واحد، مما فرض ضغوطاً غير مسبوقة على الموردين.
ارتفعت الأسعار مرة أخرى في فبراير/ شباط من هذا العام، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
بحثت الحكومات الأوروبية عن سبل للحد من استيراد الطاقة من روسيا، التي كانت توفر في السابق 40 في المئة من الغاز المستخدم في الاتحاد الأوروبي. ونتيجة لذلك ارتفعت أسعار المصادر البديلة للغاز.
وتعهد الاتحاد الأوروبي بتقليل اعتماده على الغاز الروسي ووافقت الدول الأعضاء في يوليو/ تموز على خفض استخدام الغاز بنسبة 15 بالمئة.
ألمانيا، على سبيل المثال، كانت تستورد 55 في المئة من غازها من روسيا قبل غزو أوكرانيا. أمام الآن فانخفضت تلك النسبة إلى 35 في المئة فقط، كما ان لديها خطة طويلة الأجل لإنهاء الواردات الروسية.
في الوقت الذي تعاظمت فيه الضغوط لإنهاء الاعتماد على الغاز الروسي كانت هناك مخاوف موازية على المدى القصير من أن روسيا قد تقيد أو حتى توقف إمدادات الغاز، رداً على المساعدة العسكرية التي يقدمها الغرب لأوكرانيا.
مارست شركة غازبروم، مورد الطاقة المملوك بشكل كامل تقريبا من قبل الدولة، المزيد من الضغوط وأوقفت ضخ الغاز إلى بلغاريا وفنلندا وبولندا والدنمارك وهولندا بسبب عدم الدفع بالعملة الروسية، الروبل.
ومع توقف الدول الأوروبية عن شراء الغاز من روسيا، فإنها بحاجة إلى خفض صادراتها من الغاز بشكل كبير مما وضع مزيداً من الضغط على الإمدادات الدولية.
اضطر الكثيرون إلى الاعتماد على السوق الدولية للغاز الطبيعي المسال (LNG) الذي يمكن نقله حول العالم بواسطة السفن، بدلاً من نقله عبر خطوط الأنابيب.
في السنوات السابقة، عادة ما كانت تشتري الدول الأوروبية بقايا إمدادات الغاز الطبيعي المسال من دول مثل قطر والولايات المتحدة في الصيف، لتلبية احتياجاتها في فصل الشتاء التالي.
لكن المشكلة التي تواجه هذه الدول حالياً هي أن الدول الأسيوية ملتزمة بعقود طويلة الأجل لشراء معظم الغاز الطبيعي المسال في العالم قبل أن يتم استخراجه، مما يترك كمية محدودة في السوق الدولية.
أين يُستخدم الغاز؟
في جميع أنحاء العالم، يتم حرق غالبية الغاز في بلد المنشأ. لكن في كثير من الأماكن لا تكفي الكميات وهناك حاجة لاستيراده خاصة خلال فصل الشتاء.
بمجرد وصول الغاز المستورد إلى وجهته، يتم بيعه لبعض مزودي الطاقة بسعر فوري (يعكس التكلفة الفورية والتسليم). يتم شراء البعض بسعر مستقبلي متفق عليه مسبقاً بناءً على ما يتوقعونه في الأشهر المقبلة.
يتم أيضاً حرق جزء من الغاز لتوليد الكهرباء، مما يعني أن أسعار الغاز المرتفعة تؤدي إلى ارتفاع فواتير الطاقة لدينا أيضاً.
في عام 2021 ، تم توليد ما يقرب من 40 في المئة من الكهرباء في المملكة المتحدة عن طريق حرق الغاز.
ويستخدم الباقي للتدفئة والماء الساخن في المنازل والشركات أو يتم الاحتفاظ به في مرافق التخزين لفصل الشتاء.
كيف تُحدد الأسعار؟
يختلف نظام تحديد أسعار الغاز من دولة إلى أخرى. لا يوجد سعر دولي واحد للغاز.
يتم تحديد أسعار بيع الغاز بالجملة حسب تكلفة الشراء من منتجي الغاز المحليين والدوليين. ترتفع أسعار الغاز الطبيعي وتنخفض تماشياً مع الطلب العالمي.
يمكن أن تؤدي المضاربة والخوف من الاضطراب الوشيك إلى ارتفاع أسعار الغاز في الأسواق الدولية. يمكن أن يؤدي هذا بدوره إلى ارتفاع فواتير الغاز للمنازل والشركات.
في المملكة المتحدة على سبيل المثال، يتم حساب سعر الغاز الفوري باستخدام نقطة التوازن الوطنية في المملكة المتحدة (NBP) ، والتي تمثل الغاز في أي مكان في نظام النقل الوطني.
ويشمل ذلك الغاز المستورد من الخارج للسماح بالتداول المبسط بين المشترين والبائعين.
الآن بعد أن دخلت الدول الأوروبية إلى سوق ما تبقى من الغاز الطبيعي المسال غير المباع في العالم ، سيكون NBP أعلى من أجل التشجيع على الاستيراد.
تتكون فاتورة الغاز المنزلي النموذجية في المملكة المتحدة من سعر الجملة وتكاليف التشغيل لمزود الطاقة وتكلفة صيانة الشبكة والضرائب بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة والضريبة الخضراء.
استفادت الشركات التي تستخرج الغاز وتنقله من ارتفاع الطلب. يأتي معظم الغاز الطبيعي المسال في العالم من أستراليا وقطر والولايات المتحدة. يتم إنتاج الغاز أيضاً في النرويج وبحر الشمال.
في الفترة الواقعة بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران من هذا العام ، أعلنت شركة “شل” عن أرباح عالمية بلغت 9.4 مليار جنيه إسترليني، بينما حققت شركة “بريتيش بتروليوم” 6.9 مليار جنيه إسترليني ، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما حققته في نفس الفترة من عام 2021.
التعليقات