التخطي إلى المحتوى

من المحسوم انّ الجلسة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية والمقرّرة الخميس المقبل، لن تكون أفضل من الأولى في مسارها ونتائجها، بل لعلّها ستعكس مؤشرات اكثر سلبية، مع قرار تكتل «لبنان القوي» بمقاطعتها احتجاجاً على تحديد موعدها في اليوم الذي يصادف ذكرى عملية 13 تشرين الأول 1990 ضدّ العماد ميشال عون.

بالنسبة إلى العونيين، فإنّ اختيار رئيس مجلس النواب نبيه بري هذا الموعد غير مقبول، سواء كان متعمّداً أم لا، وبالتالي هم قرّروا عدم المشاركة في الجلسة المقبلة، خصوصاً انّهم يعتبرون انّها ستشكّل امتداداً لتلك التي سبقتها ولا جديد متوقعاً منها.

وغياب نواب «التكتل البرتقالي» ليس كافياً وحده لتعطيل النصاب، الّا اذا تضامنت معهم كتل أخرى في الغياب. لكن وبمعزل عن المقياس العددي، فالأكيد انّ النصاب السياسي لانتخاب رئيس الجمهورية لم يتأمّن بعد، ولو حضر النواب الـ 128 مجتمعين.

واياً يكن الأمر، يؤكّد بري لـ»الجمهورية»، انّه ليس في صدد تعديل تاريخ الجلسة الثانية، مشدّداً على أنّها قائمة في موعدها الخميس المقبل، ولا شيء سيتغيّر.

وعندما يُقال له انّ أحداث 13 تشرين الأول تنطوي على رمزية خاصة بالنسبة إلى «التيار الوطني الحر»، يجيب: «هل 13 تشرين الأول هو عيد رسمي؟ ليس على حدّ علمي». ويضيف: «انا التزم بالأعياد الوطنية فقط ولا شيء سواها».

وماذا لو تعطّل النصاب إذا اتسعت رقعة المقاطعة للجلسة؟ يردّ بري: «من يغيب عن الجلسة يتحمّل مسؤولية موقفه. وإذا لم يتوافر النصاب، أحدّد موعداً آخر، لا مشكلة».

وعمّا اذا كان قد تعمّد استهداف او استفزاز «التيار الوطني الحر» من خلال تحديده موعد جلسة في اليوم الذي يصادف ذكرى إخراج العماد عون بالقوة من قصر بعبدا، يردّ بري مبتسماً: «ما كنت داير بالي..».

وضمن سياق متصل، يعتبر مؤيدو بري أن لا مبرّر مقنعاً لمقاطعة تكتل «لبنان القوي» جلسة الخميس، مشيرين إلى انّ الواجب الوطني والدستوري يستدعي مشاركة الجميع، ولا سيما منهم «التيار الحر»، في جلسة مخصّصة لانتخاب رئيس الجمهورية الذي يشغل الموقع المسيحي الأول في الدولة. وهذا الواجب لا يتعارض أساساً مع المناسبة التي يحييها التيار في ذلك اليوم.

ويتابع هؤلاء: «إذا كان عون قد خرج من القصر الجمهوري قسراً في 13 تشرين 1990 فإنّ جلسة 13 تشرين 2022 تندرج في إطار محاولة تأمين دخول آمن وطنياً وسياسياً لرئيس الجمهورية إلى قصر بعبدا، وهذا يُسجّل لبري لا عليه».

في المقابل، تؤكّد مصادر «التيار الحر» انّه سيقاطع جلسة الخميس «ولا نعرف اذا كان هناك نواب سيتضامنون معنا ام لا»، مشيرة الى انّه «لم يكن هناك من مبرّر لتحديد موعدها بالتزامن مع ذكرى ضرب الشرعية المتمثلة بالعماد عون في 13 تشرين الأول 1990».

وتلفت «المصادر البرتقالية» إلى أنّ «هذا اليوم يكتسب رمزية عميقة بالنسبة الينا، وقد سقط فيه شهداء للجيش، ونحن نحيي خلاله قداديس ومناسبات من وحي الذكرى التي نكون منشغلين بها كلياً لأنّها تسكن وجداننا».

وتوضح المصادر انّ «ذكرى 13 تشرين تنطوي منذ سنوات طويلة على خصوصية كبيرة للتيار ولكل محبي الجنرال عون، والامر يجب أن يكون معروفاً لدى الرئيس بري، وإذا لم يتنبّه اليه فماذا عن المحيطين به؟».

وتضيف مصادر «التيار الحر»: «افترضنا من باب حسن الظن انّ تحديد جلسة نيابية في 14 أيلول حصل سهواً ومن غير قصد، الّا انّ تكرار الأمر الآن مستغرب ويدفع الى الارتياب في الدوافع». وتتساءل: «ما دامت جلسة الخميس فولكلورية وشكلية، كما نعرف نحن والرئيس بري، فلماذا الاصرار على عقدها في تاريخ حساس وليس قبله او بعده؟».

وتشدّد مصادر التيار على انّه «لو كانت هناك إمكانية حقيقية لانتخاب الرئيس في جلسة الخميس لكنا قدّمنا تضحية جديدة وتجاوزنا اعتراضاتنا على الموعد، من أجل الصالح الوطني العام. لكن الظرف لم ينضج بعد للانتخاب».

وتتابع المصادر: «القوات اللبنانية» تتسلّى باسم النائب ميشال معوض في الوقت الضائع، وهي اكثر من يعلم أن لا فرصة له، والتغييريون يواصلون اجراء التجارب، اما نحن فلا نريد ان نحرق اي إسم في طبخة غير ناضجة لأننا جدّيون وننتظر اللحظة المناسبة لطرح اسم جدّي وليس للاستهلاك، وهذا ينمّ عن تحسّس بالمسؤولية لدينا، في حين انّ البعض يستخف بالاستحقاق عبر طرح اسماء عاجزة عن الوصول».

وتعتبر مصادر التيار، انّ «ملف ترسيم الحدود البحرية هو ناخب اساسي، فإذا حصل الترسيم يكون مطلوباً رئيس لمرحلة الاستقرار، وإذا لم يحصل تكون هناك حاجة إلى رئيس يواكب مرحلة المواجهة».

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *