... التخطي إلى المحتوى

وتعكس تلك الخطة تعهد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بالتعزيز الأساسي للقدرات الدفاعية لقوات الدفاع الذاتي اليابانية، في مواجهة التوسع العسكري الصيني والتطور النووي والصاروخي السريع لكوريا الشمالية، في الوقت الذي يسعى الحزب الحاكم إلى مضاعفة الإنفاق الدفاعي بـ2 في المئة أو يزيد من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، للوصول إلى المستوى الذي حدده حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

ووفق وكالة “كيودو” اليابانية، فإن الحكومة سبقت وأن خصصت 27.47 تريليون ين، كتكاليف دفاع لمدة 5 سنوات حتى السنة المالية 2023 في برنامج الدفاع متوسط المدى للبلاد، لكن هذا المبلغ الإجمالي سيترفع بشكل ملحوظ ليتجاوز 40 تريليون ين للحصول على المعدات العسكرية المراد شراؤها.

وبحسب إحصاءات موقع “غلوبال فاير بور” المتخصص في الشؤون العسكرية، تحتل اليابان المركز الخامس ضمن أقوى جيوش في العالم لعام 2022، متخطية بذلك كوريا الجنوبية وفرنسا والمملكة المتحدة.

وحدد الدستور الياباني “السلمي”، الذي تمت المصادقة عليه بعد الحرب العالمية الثانية، ميزانيتها الدفاعية السنوية بحوالي 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أو أكثر من 5 تريليون ين، لكن طوكيو عملت خلال عقود على تطوير ترسانتها الدفاعية، وتحاشت استخدام “جيش” للحديث عن قواتها العسكرية.

لكن وزارة الدفاع اليابانية طلبت، في وقت سابق من هذا العام، تخصيص 5.59 تريليون ين، وهو أكبر مبلغ على الإطلاق، في الميزانية الأولية للبلاد للسنة المالية المقبلة، في حين قد ترتفع النفقات في النهاية إلى ما يقرب من 6.5 تريليون ين.

ووفق تقارير يابانية، فإن الحكومة اليابانية تسعى للحصول على صواريخ بعيدة المدى لاستخدامها في تعزيز القدرات العسكرية، وكذلك الطائرات بدون طيار، وبناء مدمرات جديدة لتزويدها بنظام إيجيس لاعتراض الصواريخ، وتحسين مخازن الصواريخ والذخيرة.

قدرات الجيش الياباني

  • خامس أقوى جيوش العالم.
  • تتكون القوات اليابانية من 319 ألف جندي بينهم 250 ألف جندي قوة بشرية متاحة للعمل.
  • 14 ألف جندي قوات شبه عسكرية و55 ألف في قوات الاحتياط.
  • 43 مليون صالحون للخدمة العسكرية من بين 125 مليون نسمة.
  • 1480 طائرة حربية، بينها 256 مقاتلة متعددة المهام وطائرة اعتراضية.
  • تتكون القوات البرية اليابانية من نحو ألف دبابة و5500 مدرعة.
  • داخل القوات 214 مدفعا ذاتي الحركة و480 مدفعا ميدانيا و99 راجمة صواريخ.
  • 155 قطعة بحرية تمتلكها اليابان بينها 4 حاملات مروحيات و37 مدمرة.

انتفاضة عسكرية

من جانبه، أوضح الباحث المتخصص في السياسات الدفاعية، محمد حسن، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “اليابان تمتلك تاريخا عسكريا كبيرا في آسيا برمتها، فكانت أول قوة غير أوروبية تمتلك حاملات طائرات، وأول قوة بحرية غير أوروبية قادرة على ارتياد أعالي البحار والمحيطات، وسجلت انتصارات مدوية ضد قوى غربية بحرية، إلا أن التاريخ العسكري للبلاد وقف أمام لحظة حقيقة بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية، وغيرت اليابان آنذاك عقيدتها العسكرية وحصرت قواتها المسلحة في مهام المساعدة في الكوارث حتى سُميت بالدفاع الذاتي”.

وبحكم المادة التاسعة من الدستور الياباني، تركت طوكيو حقها في القتال، حيث نصت على أن “الشعب الياباني يتنازل عن الحرب للأبد”.

وكان هذا الإقرار الدستوري مبررا لحجم الإنفاق الدفاعي الضئيل لليابان، على مدى العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، إذ مثلت ميزانية الانفاق الدفاعي أقل من 1 في المئة من إجمالي الناتج المحلي لليابان، وفق حسن.

وبشأن أسباب زيادة الإنفاق الدفاعي في اليابان، قال باحث السياسات الدفاعية، محمد حسن، إن ذلك يعود إلى:

  • الدستور أزهق روح الإمبراطورية العسكرية اليابانية والتي تقوم على التوسع في مجال حيوي يصل إلى الهند، وجزر المحيط الهادئ، لكنه لم يمنع البلاد من امتلاك قوات قادرة على الدفاع عن البلاد.
  • لم تجد الحكومات اليابانية صعوبات كبيرة في التحديث التقني لقواتها المسلحة، وخاصة سلاحي الجو والبحرية، إذ ما زالت تمتلك قاعدة تصنيعية من بين الأقوي في العالم، ولديها الكوادر والموارد اللازمة لتحقيق التصنيع الذاتي لمتطلبات الحرب الحديثة.
  • التطورات الجيوسياسية، فالمجال الحيوي لليابان أصبح مزدحما الآن باللاعبين الدوليين والإقليميين الذي باتوا أقل ترددًا في استخدام القوة العسكرية لفرض وقائع ميدانية وسياسية.
  • زيادة الإنفاق الدفاعي للصين وأستراليا وكوريا الجنوبية وكوريا الشمالية، ومن شأن هذه الزيادات أن تدعم قدرة الدول السابقة بحرياً وتطيل أذرعها بشكل يعزز قدرات الردع لديها، ومنع الحرب.
  • عدم اشتمال تحالف كواد على “كود” محدد للدفاع المشترك، وعوضاً عن هذا اتجهت اليابان لتعزيز الشراكة والتعاون الأمني الدفاعي مع إندونيسيا وأستراليا كل على حدة، كما أن تحالف أوكوس، استثنى اليابان، وأية قوة أوروبية، ليبقى العنصر الأنجلو سكسوني حاضرا بقوة في قلب المحيطات.
  • مواجهة النفوذ العسكري الصيني، الذي يتنامي في المجال الحيوي لليابان، حيث وقعت الصين عدداً من اتفاقيات التعاون الأمني والدفاعي مع جزر سليمان وكريباتي، بما يمكن الصين من تثبيت نقاط ارتكاز لقواتها البحرية، التي تعد الأكبر في العالم الآن، وهذا الأمر يهدد على نحو ملحوظ ليس المنطقة الدفاعية اليابانية ولكن التجارة كذلك.
  • مواجهة النفوذ الروسي، فلعل الاشتباك الذي وقع بين اليابان وروسيا في العام 1905 والذي انتهى بفوز اليابان، رسم بشكل واضح حدود الحركة الروسية في البحار الإقليمية لليابان، ومؤخراً ركزت روسيا من نشاطها السياسي والعسكري في أقصى الشرق من مدخل منشوريا، بما يشكل جبهة صينية روسية لا تتقاطع مع اليابان ومصالحها.

حركة نشطة

وأوضح الباحث العسكري أن هناك اهتماما ملحوظاً في اليابان لزيادة الإنفاق العسكري ليتناسب مع معدلات الإنفاق العسكري لدول حلف الناتو، كما أن الحركة اليابانية النشطة أوضحت صورة إطارية لسياسات تحالفاتها.

وفتحت اليابان محادثات أمنية مع الهند لمواجهة الصين وروسيا، كما تقاربت وجهات النظر مع ألمانيا على أهمية التعاون على مواجهة روسيا والصين.

وقال حسن إن “التاريخ يدور دورته، ليضع قوى لها خلفيات عسكرية إمبراطورية في مواجهة بعضها البعض للمرة الثانية بعد 7 عقود، ما يميز هذه المرحلة ويلقي بظلالها على تاريخ حافل بالصدامات العنيفة بين الأمم”.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *