... التخطي إلى المحتوى

المصدر: النهار

الكاتب: غسان حجار

كتب غسان حجار في النهار:

اقرأ تفرح، اقرأ المزيد تُصَب بالذهول! بيان مؤسّسة كهرباء لبنان عن رفع التعرفة، محقّ ومتأخّر وواجب لكنّه غير عادل.

أولاً هو محقّ لأن المؤسّسة تطالب بحقها على المواطن أن يسدّد فاتورته، ولكن بشرط أن توفّر له الطاقة، فلا حق من دون واجب. في المعلومات الأولية أن مؤسّسة كهرباء لبنان تطمح الى تأمين تغذية بمعدّل 8 الى 10 ساعات يومياً في الفترة الأولى، فور توافر الفيول الهبة أو مساعدة من خلال قرض أو تبادل خدمات، من العراق، وربما من إيران وروسيا. ولا ترهن المؤسّسة خدماتها بالتبادل والهبات، بل عندما تتوافر لها السيولة بلعملات الأجنبية من الجباية بأسعار جديدة فلها أن تشتري الفيول وتغذي معاملها لإنتاج الطاقة الكهربائية وتؤمّن لها الصيانة الضرورية.

والقرار ثانياً متأخّر، ولا ذريعة لدى أهل الحكم، بأن الرئيس رفيق الحريري رفض في تسعينيات القرن الماضي، رفع قيمة الفواتير قبل توفير 24 ساعة من الخدمة، لأنه مضى على اغتيال الحريري أكثر من 17 سنة، كان يمكن لمن تسلّم وتعاقب على وزارة الطاقة، رفع التعرفة لعدم ترك مؤسّسة كهرباء لبنان تغرق في ديونها فتبلغ الهوّة العميقة بعدما كانت قبل الحرب من أكثر المؤسسات التي تدرّ ربحاً وتضاعف كل مرّة التقديمات لموظفيها.

والقرار ثالثاً واجب على مجلس إدارة المؤسّسة وعلى وزارة الطاقة والحكومات المتعاقبة، لأن عكس ذلك يُعدّ تقصيراً في المهمّة، ودفعاً الى إفقار مؤسّسة خدماتية وتدميرها من قبل القيّمين عليها والأوصياء عليها وعلى البلد. ولا يفيد التذرّع بشتى الحجج عن عدم القيام بهذه الخطوة.

أما النقطة الرابعة الأهم، فتكمن في غياب العدالة الاجتماعية في القرار. على ماذا ينصّ القرار؟ “يقضي باحتساب تسعيرة أول 100 كيلوواط/ساعة على سعر 10 سنتات لكل كيلوواط، بينما سيُحتسب الاستهلاك الذي يتجاوز 100 كيلوواط/ساعة وفق سعر 27 سنتاً لكل كيلوواط”. وهذا الرقم يراوح القبول به بين راضٍ وغير راضٍ في هذه الظروف المعيشية، لكن أغلبية اللبنانيين تعتبر نفسها راضية إذا توافر التيّار في منازلها، على أن تحاول تقنين مصروفها من الطاقة، وتحاول التخلص شيئاً فشيئاً من استبداد أصحاب المولدات الخاصة.

ولكن أين تكمن اللاعدالة؟ هي لاعدالة منظورة وأخرى غير منظورة. في الثانية أن القرار، وإن كان عمومياً، لا يلحظ أولئك المعلّقين على الخطوط، والذين يسرقون الكهرباء، والذين تعجز الأجهزة الأمنية، أو تتواطأ، لعدم الإيقاع بهم، وإزالة المخالفات، وتوقيف المخالفين. وقد جرت محاولات عدّة سابقة لإزالة التعليقات، وكلّها باءت بالفشل. وهذا يعني أن بعض اللبنانيين سيدفعون تكراراً عن مواطنيهم الذين لا يدفعون.

أما العدالة المنظورة في متن القرار فتتضمّن “أن أمر التعرفة المرتبطة بالـ27 سنتاً، مرهون بشرط أساسي وهو أن يتمّ تسديد فواتير استهلاك الطاقة الكهربائية من قبل كل الإدارات العامة والمؤسسات وقيمتها تبلغ حوالى 230 مليون دولار سنوياً، وعلى أن تسدّد الدولة اللبنانية كلفة شراء الفيول العراقي. وفي حال عدم القيام بهذين الإجراءين، تصبح التعرفة 37 سنتاً بدل من 27 سنتاً. أمّا في ما خصّ الرسوم الثابتة فسوف تزيد 30% عمّا كانت عليه بالسنتات قبل الأزمة المالية”.

إذن فإن التعرفة سترتفع على المواطن “الآدمي” الى 37 سنتاً لكل كيلوواط ساعة، لأن المؤسّسة أبلغت تلك الفئة بشروط التسعيرة، ومعلوم أن الإدارات العامة لم تسدّد منذ زمن، وهي غير قادرة على سداد 230 مليون دولار سنوياً، لأن موازناتها الحالية أقل من تحمّل هذا العبء.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *