... التخطي إلى المحتوى

 قبل نحو 7 أسابيع على انتهاء ولايته، صعد رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون من مواقفه تجاه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وذلك في إطار استمرار المماحكات السياسية بين الطرفين اللذان يخوضان صراع منذ انتهاء الانتخابات المبكرة في أيار/مايو الماضي.

وفي أحدث تطورات لبنان الذي يستعد إلى انتخاب رئيسا جديدا للجمهورية، قال عون في تصريحات لصحيفة “الجمهورية اللبنانية” اطلع عليها موقع “الحل نت”، إنه في حال تعثر انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة الجديدة فأن “الحكومة الحالية غير مؤهلة لتسلم صلاحياتي بعد انتهاء ولايتي”.

الرئيس اللبناني أَضاف: “أنا اعتبر إنها لا تملك الشرعية الوطنية للحلول مكان رئيس الجمهورية، ولذلك ما لم ينتخب رئيس للجمهورية أو تتألف حكومة قبل 31 تشرين الأول المقبل، وإذا أصروا على أن يحشروني في الزاوية فإن هناك علامة استفهام تحيط بخطوتي التالية وبالقرار الذي سأتخذه عندها”.

ويُبدي عون ارتيابه في أسباب عدم تشكيل حكومة أصيلة حتى الآن، قائلا: “لدي شعور بأن العرقلة متعمدة، لكي يضع الرئيس ميقاتي ومن معه وخلفه ايديهم على البلد عبر حكومة تصريف أعمال لا تتوافر فيها شروط الحلول مكان رئيس الجمهورية، وإذا نشأ مثل هذا الوضع النافر فأنا لن أرضخ له وسأواجهه”. 

عون حذر من “أنهم يعبثون بالتوازنات الدقيقة التي تميز هذا البلد، وكأنه لا يكفي ما فعلوه خلال العهد حتى يريدون اللحاق بي إلى منزلي واستكمال الحرب ضدي، لكنني لن أسمح بفرض الأمر الواقع علي، سواء كنت في بعبدا أم في الرابية”.

اقرأ/ي أيضا: لبنان يطوي صفحة تشكيل الحكومة ويركز بانتخاب رئيس الجمهورية؟

عون يجدد دعوته لتشكيل الحكومة

الرئيس اللبناني أكد، أنه جاهز للتعاون من أجل تأليف الحكومة، معتبرا أنه صاحب المصلحة الأكبر في ولادتها “لأنني أريد أن أطمئن إلى أن الفراغ، إذا وقع، سيملأ بالطريقة المناسبة، إنما لا أقبل أيضا بأي حكومة كانت، لأنه ربما تنتظرها تحديات ومسؤوليات جسام، يجب أن تمتلك القدرة والتغطية اللازمتين للتصدي لها”.

ووفق المادة 62 من الدستور اللبناني، “عند خلو سدة الرئاسة، تناط صلاحيات الرئاسة وكالة لمجلس الوزراء”.

لكن الدستور لم يتناول إشكالية الحكومة المستقيلة بالفراغ الرئاسي، وهو ما يرفع سقف السجال السياسي وتضارب الاجتهادات بشرح الدستور، خصوصا أن خصوم عون وخبراء قانونيين يعتبرون أن الحكومة المستقيلة تستطيع لعب دور الحكومة غير المستقيلة بحالة الفراغ وأن تستلم صلاحيات الرئاسة، على قاعدة لا يمكن الدخول بفراغ مطلق في السلطة.

وفي هذا الإطار، يشدد عون على “أهمية ضم 6 وزراء دولة سياسيين إلى الحكومة الحالية حتى تكتسب حصانة سياسية هي ضرورية جدا لمواجهة احتمال الشغور، لأن حكومة التكنوقراط الصافية كما هي الآن غير قادرة على تولي مهمات رئيس الجمهورية”.

كما لفت إلى أن “حكومة التكنوقراط لم تكن منتجة أساسا كما كنا نتمنى ووزراؤها ليسوا مهيئين لتأدية الدور السياسي الذي قد يفرض عليهم كورثة لصلاحيات رئاسة الجمهورية”، مبينا: “لذا اقترحت تعيين 6 وزراء دولة يمثلون الطوائف والقوى الأساسية ويحققون التوازن الوطني في صنع القرارات، فأين المشكلة في هذا الطرح خصوصا أن الحكومة يجب أن تعكس أيضا نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، علما ان تأليف حكومة يوجد فيها وزراء سياسيون يعتبر أمرا مألوفا في الحياة السياسية اللبنانية”.

اقرأ/ي أيضا: باسيل وجعجع وفرنجية.. صراع الرئاسة في لبنان؟

لبنان بين اتفاق واختلاف عون وميقاتي

عون يؤكد أيضا، أن “ميقاتي كان قد وافق على الصيغة التي تقضي بتعيين ستة وزراء دولة جدد إلى جانب تغيير اسمي وزيري الاقتصاد والمهجرين في التركيبة الحالية، مع مراعاة أن يكون البديل السني من منطقة عكار وأن لا يستفز البديل الدرزي وليد جنبلاط، وأنا كنت موافقا على هذا المعيار”.

لكنه أرف بالقول: “بينما كنت ارتاح في جناح السكن داخل القصر، وصل في إحدى الليالي على عجل صديق مشترك ناقلا إلي قرار ميقاتي بقبول الصيغة الموسعة، فخلدت إلى النوم مستبشرا بالخير ومتفائلا بقرب الولادة المنتظرة، قبل أن أتفاجأ لاحقا بأن ميقاتي عدل عن رأيه وسحب موافقته بعد تواصله مع الرئيس نبيه بري الذي عاد وجاهر برفضه وزراء الدولة الستة في خطاب ذكرى تغييب الامام الصدر”.

وحول مواصفات الرئيس المقبل، قال عون “من المهم أن يكون ملما بالدستور والقوانين وملتزما بتطبيقها حتى لو كان ذلك مزعجا لشركائه في السلطة”، فيما أشار إلى أسماء السياسيين المتداولة للرئاسة، قائلا إن “جبران باسيل غير مرشح، والآخرون لا تتوافر فيهم الشروط الضرورية لتولي المنصب”.

أما عن خيار تعويم الحكومة الحالية كما هي، يجيب عون: “أعود وأكرر إنني أخشى من عدم قدرتها على مواجهة المرحلة المقبلة بكل استحقاقاتها، أما التعويم المرفق بالتطعيم فهو الأفضل”، مضيفا أن “أكثر ما أضحكني في الفترة الأخيرة أن بعض الفطاحل استنتجوا إنني أريد من خلال اقتراحي بتوسيع الحكومة الحصول على الثلث المعطل”.

وأشار إلى أن ذلك “ما يعكس جهلهم بأن الحكومة التي تمارس صلاحيات الرئيس لا حاجة لها إلى مثل هذا الثلث أصلا لأن كل وزير هو في حد ذاته ثلث معطل كما حصل في حكومة الرئيس تمام سلام، إضافة إلى أن وزراء الدولة سيتوزعون على الطوائف والقوى الأساسية ولن يكون لي تمثيل أكبر من غيري”.

لبنان والفرصة الأخيرة

الرئيس اللبناني رأى في الختام، أن “فرصة تشكيل حكومة جديدة لا تزال متوافرة، وانا أدعو الرئيس ميقاتي إلى التقاطها والتعامل معها بجدية، لا أن يأتي لزيارتي بضعة دقائق ومن ثم يحمل حاله ويذهب”.

في مقابل ذلك حتى الآن، لم يدع رئيس البرلمان نبيه بري النواب لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية. وفي حال عدم توجيه الدعوة، يجتمع البرلمان حكما وإلزاميا قبل 10 أيام من انتهاء ولاية عون، وهي جلسات قد لا تفضي إلى انتخاب رئيس، مما يدخل البلاد بحالة الفراغ.

دستوريا يكون انتخاب رئيس الجمهورية بتصويت غالبية الثلثين من مجموع أعضاء البرلمان المكون من 128 عضوا، أي 86 نائبا، وفي الدورة الثانية بالأغلبية المطلقة، أي 65 نائبا.

يشار إلى أن لبنان يخوض تحديات متواصلة منذ الانتخابات الأخيرة في أيار/ مايو الماضي، نتيجة عدم تشكيل حكومة جديدة حتى الآن، يضاف لها عدم الاتفاق بعد على رئيس جديد للجمهورية، مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وضرورة انتخاب بديل له قبل نهاية المهل الدستورية.

ولا تفصل البلاد سوى أيام معدودة عن موعد بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية؛ لأن ولاية الرئيس الحالي تنتهي مع نهاية تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وحينها ستدخل البلاد في فراغ بمنصب الرئاسة ما لم يتم اختيار رئيس جديد للبنان.

اقرأ/ي أيضا: هل تعود المياه لمجاريها بين وليد جنبلاط وسمير جعجع؟

لبنان وتحديات الرئاسات

كما أن تحدي اختيار رئيس جديد للبلاد، يرافقه وجود تحدي تشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة تصريف الأعمال، التي يترأسها نجيب ميقاتي، المكلف بتشكيل حكومة جديدة في أواخر حزيران/ يونيو المنصرم، لكنه لم ينجح بعد بتشكيلها، نتيجة الصراعات السياسية على شكل الكابينة الوزارية.

تكمن ضراوة الخلافات على تشكيل حكومة جديدة بين المكلف ميقاتي ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الذي يطالب بتوسعة الكابينة الوزارية لتشمل 30 وزيرا بدلا من 24 وزيرا، في وقت يرفض ميقاتي تلك التوسعة.

مع أزمة الحكومة المقبلة، لا تقل أزمة رئاسة الجمهورية الحالية عن حدتها؛ بسبب عدم الاتفاق على مرشح توافقي للرئاسة، خصوصا مع تعدد الأسماء المطروحة، آخرها ترشح سفيرة لبنان السابقة لدى الأردن، ترايسي شمعون، حفيدة الرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون، للسباق الرئاسي.

وتتوزّع الرئاسات الثلاث في لبنان على قاعدة طائفية، عبر منح رئاسة الجمهورية للموارنة من المسيحيين، ورئاسة مجلس النواب للشيعة، ورئاسة مجلس الوزراء للسنة.

وانتخب الرئيس الحالي ميشال عون في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 رئيسا للجمهورية بعد عامين ونصف من شغور المنصب، بدعم من “حزب الله”، القوة السياسية والعسكرية النافذة في البلاد، في إطار تسوية سياسية بين أبرز زعماء الطوائف.

ومن شأن الوضع في لبنان الغارق منذ 3 سنوات في انهيار اقتصادي غير مسبوق، أن يتدهور أكثر في حال حصول شغور في منصب رئاسة الجمهورية مجددا، كون ذلك سيزيد من شلل المؤسسات الرسمية المنهكة أساسا.

اقرأ/ي أيضا: لبنان يخاطب الأمم المتحدة محذرا من انفجار الأوضاع.. ما السبب؟


كلمات مفتاحية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *