... التخطي إلى المحتوى

 

كمال خلف

الأيام المقبلة مطلع شهر أيلول سبتمبر ستكون وفق اغلب التقديرات أيام حرجة، فاتفاق الترسيم بين لبنان وإسرائيل عبر الوسيط الأمريكي ثقيل الظل ” عاموس هوكستين” لم ينجز بعد، ولا مؤشرات على اتمامه حتى الان. والسؤال الأكثر ترديدا هذه الأيام في لبنان هل ستقع الحرب، وهل سينفذ حزب الله تهديده ويشل قدرة إسرائيل على استخراج الغاز من حقل كاريش في المتوسط ام ان إسرائيل ستتراجع في اللحظة الأخيرة ؟ ومتى موعد الحرب ومن سيبدأ أولا.

 قبل الحديث عن الحرب وموعدها وظروفها لابد أولا من اثبت ان ما اعرضه هو وجهة نظر مبنية على قراءة الوقائع وليست معلومات جازمة او نقلا عن اية مصادر.

باعتقادي ان الحرب بين المقاومة في لبنان وإسرائيل حاصلة لا محالة، وان البحث يجب ان يكون عن التوقيت والظروف، هل هي بعيدة او في موعد قريب. وماهي العوامل التي تحدد ساعة الصفر لبدئها؟

بالمفهوم العام ووفق القناعة الإسرائيلية، فان حزب الله اليوم هو اقوى منه عام 2006 بأضعاف من حيث العدد والعتاد نوعا وكما. ولكن بذات الوقت فأن إسرائيل تعلم ان حزب الله غدا سيكون اقوى من الان، وكلما طال الوقت وامتد الزمن فانه يراكم قوة وخبرة وقدرات تجعل منه مع الوقت اقوى. وقد يدفع ذلك إسرائيل الى استنتاج مفاده ان المواجهة العسكرية مع حزب الله اليوم افضل منها في المستقبل. وكلما طال الوقت ستكون تلك المواجهة اصعب على إسرائيل. عدا عن حسابات الظرف الدولي إسرائيليا، أوروبا قبل حرب أوكرانيا ليست كما قبلها، والولايات المتحدة في الشرق الأوسط قبل عقد من الزمن ليست كما هي الان. وربما في المستقبل سيكون الوضع اسوء بالنسبة للبيئة الدولية وتحديدا الغربية الداعمة مباشرة وبلا قيود لإسرائيل.

فهل هذا سوف يعجل في قرار إسرائيل خوض الحرب ضد حزب الله. وفق اعتقادنا هذا غير كاف. وقد يكون القرار الحاسم مرتبط بأمر اخر اكثر أهمية بالنسبة لتل ابيب. فإسرائيل راهنا لا يردعها عن خوض الحرب الا امر واحد وهو ” الثمن “. الثمن الذي ستدفعه من حجم الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية جراء الحرب، وهي تدرك ان الصواريخ الدقيقة، ومداها وحجمها سوف يلحق بها دمارا كبيرا لا يمكن ان تتحمله إسرائيل دولة ومجتمعا واقتصادا.

بناء على ذلك متى يكون موعد الحرب، ومتى ستتخذ إسرائيل قرار شن العدوان؟

وفق وجهة نظرنا إسرائيل تنتظر اكتمال تجربة منظومة الدفاع الجوي الجديدة ” بالليزر ” منظومة ” الشعاع الحديدي ” البديلة عن القبة الحديدة الفاشلة والخردة. هذه المنظومة الجديدة حسب تصريحات قادة إسرائيل ستوضع في الخدمة بداية العام المقبل، وستكون حسب المعلومات المنشورة حولها في وسائل اعلام إسرائيلية قادرة على اسقاط الصواريخ او تغير اتجاه الصاروخ، واسقاط الطائرات المسيرة، وقذائف الهاون.

على الأرجح هذا ما تنتظره إسرائيل لشن العدوان، أي عندما تتأكد انها قادرة على صد صواريخ المقاومة وتقليل الكلفة والثمن للحد الأدنى، عندها ستذهب للحرب فورا ولن تنتظر يوما واحدا.

هل هذا يعني ان الحرب مؤجلة حتى العام المقبل؟

ليس بالضرورة ان تكون الحرب بتوقيت إسرائيل، في حالة لبنان الراهنة هناك توقيت وضعته المقاومة لحصول لبنان على حقوقه في الغاز من مياهه الإقليمية، والا فان المقاومة لن تسمح لإسرائيل باستخراج الغاز. هنا المقاومة اخذت قرار الدفاع عن حقوق البلاد، أيا كانت العواقب ولو تدحرجت الاحداث الى حرب مفتوحة. واذا تراجعت إسرائيل وتخلت عن سياسية السرقة واللصوصية في ملف غاز لبنان، وقبلت بالشروط اللبنانية لإبرام اتفاق الترسيم، فان المقاومة لن تبادر الى حرب او اشعال جبهة. ولكن برأينا ستضع في حسابها التوقيت الإسرائيلي المقبل للعدوان، والتطور المتعلق بإدخال إسرائيل منظومة “الشعاع الحديدي”.

 لن يقف حزب الله مكتوف الايدي امام مشروع إسرائيل العسكري لتحييد اكثر من مئة الف صاروخ، وعدد لا يعلمه الا الله من الطائرات المسيرة. وقد يكون بذل جهدا في دراسة هذا التطور في الدفاع الجوي الإسرائيلي وكيفية التعامل معه في المواجهة المقبلة. ولن نكتشف ذلك او نطلع عليه ربما إلا في ميدان المعركة، حيث المفاجأة وصراع الارادات.

ما نحن متأكدين منه ان طموح المقاومة كبير وكبير جدا في الحرب المقبلة، هي لن تكون معركة دفاع، وصد عدوان، وصمود فقط. انما ستكون في الغالب معركة هجوم ودفاع معا. ولن نستغرب دخول مقاتلي المقاومة الى جغرافيا فلسطين المحتلة والسيطرة على مستوطنات، والتثبيت فيها، ولن نستغرب اسقاط طائرات مقاتلة في سماء بيروت والجنوب والبقاع. ولن نستغرب اغراق سفن قبالة شواطئ لبنان وفي المتوسط في عمق البحر. لن نستغرب تعدد الجبهات واتساعها، واشتعال الضفة وثوراها، وغزة ومقاومتها، وفلسطين التاريخية واحرارها.

 الحرب المقبلة قد تكون اخر الحروب، وام الحروب مع دولة الاحتلال والعنصرية والكراهية والاجرام، دولة قتلة الأطفال. وستكون معركة كل الامة وليس حرب لبنان لوحدها.

كاتب واعلامي

Print This Post

ترحب ‘راي اليوم’ بآراء الكتاب وتأمل ان لا يزيد المقال عن 800 كلمة مع صورة وتعريف مختصر بالكاتب

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *