... التخطي إلى المحتوى

"مطاردة" على طريق السويس بين سائق متهور ومواطنين

صدر الصورة، أحمد يوسف/ مواقع التواصل الاجتماعي

في مشهد شبهه كثيرون بمشاهد أفلام هوليود، تداول مصريون عبر منصات التواصل الاجتماعي، مقطعا مصورا لشخص كان يقود سيارته برعونة على طريق السويس، معرضا حياته وحياة الآخرين للخطر.

واستطاع المقطع الذي تجاوزت مدته الدقيقتين، تصدر اهتمام المغردين المصريين. فقد تباينت الآراء بين التأييد والانتقاد لدى تقييم الطريقة التي تعامل بها المواطنون والشرطة مع السائق المتهور.

“مطاردة مثيرة”

وأظهر المقطع السائق وهو يعرقل حركة المرور في الطريق السريع، إذ كانت السيارة تتأرجح بشكل جنوني، بينما يضع السائق قدمه على باب السيارة الأمامي الذي كان مفتوحا طوال الوقت.

عدم الاتزان الذي ظهر على السائق دفع أصحاب السيارات الأخرى للابتعاد عنه، بينما حاول سائق شاحنة نقل ثقيلة صدمه من الخلف لعله يتوقف وينهي حالة الذعر التي أصابت الناس من حوله.

ولكن السائق لم يستجب لنداءات باقي السائقين وواصل طريقه غير عابئ بتحذيرات رجال الشرطة ثم فر مسرعا بسيارته خشية أن يلقى القبض عليه.

وبعد مطاردة طويلة تمكن رجال الشرطة من إيقاعه في كمين ومن ثم القبض عليه. وقد تجمع أصحاب السيارات الأخرى حول السائق وانهالوا عليه بالضرب، وفق ما أظهرته بعض المقاطع المصورة التي أكدتها وسائل إعلام مصرية.

ويواجه السائق حاليا اتهامات بتعطيل حركة المرور، وتعريض سلامته وسلامة المواطنين الآخرين للخطر.

وبينت التحريات الأولية أن المتهم كان تحت تأثير مواد مخدرة وفي حالة سكر، وقد تمت إحالته إلى النيابة العامة للتحقيق معه. كما أشارت مواقع مصرية نقلا عن النيابة العامة إلى أن المتهم لم يكن يحمل رخصة قيادة.

“أبعاد اجتماعية خطيرة”

بدا التركيز على الفيديو أمرا مبالغا فيه بالنسبة للبعض ممن أسهب في التذكير بحوادث أخرى اعتبرها أكثر أهمية من حادثة طريق السويس.

إلا أن قطاعا واسعا من المغردين رأوا في الواقعة أبعادا خطيرة يتوجب الوقوف عندها.

وللواقعة أبعاد عديدة مثيرة، فقيادة شخص للسيارة بتلك الرعونة وما قد يمكن أن يسفر عن ذلك من حوادث وضحايا في بلد تكثر فيه حوادث الطرق، وتعامل المواطنين معه ودور الشرطة في إيقافه ومن ثم ما كشف من تفاصيل عن السائق، كانت كلها عوامل كافية لتشعل نقاشا محتدما عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقد عبر كثيرون عن غضبهم لدى رؤية مقطع الفيديو،إذ أجمع أغلب المعلقين على إدانة سلوك السائقوطالبوا بمحاسبته..

لكن ثمة أيضا من انتقد محاولة صاحب شاحنة النقل لإيقاف السيارة المخالفة، واعتبروها “معالجة خاطئة لموقف خطير كان من الممكن أن يتسبب في وقوع حوادث تصادم خطيرة”.

كذلك، استنكر مغردون آخرون تدخل بعض المواطنين وتجمعهم لضرب السائق بعد إيقافه تحت مرأى رجال الشرطة.

ويرى كثيرون أن الحادثة سلطت الضوء على “سلوكيات بدأت تنتشر بشكل متواتر داخل المجتمع في الفترة الأخيرة”. ويقول مغردون إن المقطع المتداول كشف “عن نماذج مختلفة لعدم احترام القانون وانتشار السلوكالفوضوي بداية من السائق الذي استغل الطريق العام وعرض حياة الآخرين للخطر مرورا بسائق الشاحنة الذي حاول إيقاف صاحبالسيارة بصدمه وانتهاء بالمارة الذين حاولوا معاقبته بالضرب بدلا من اللجوء للسلطات القضائية ” .

كما حذر آخرون من تكرر مثل هذه التصرفات التي قد تؤسس برأيهم لفكرة “قضاء الشارع الذي يتولى فيها المواطنون دور القضاة فيتدخلون بأنفسهم لمعاقبة كل من يتجاوز القوانين أو كل من يخالففي نظرهم الأعراف“.

على الطرف المقابل، حاول فريق آخر من المغردين تبرير تصرفات المواطنين الذين تجمعوا حول السائق المخالف.

فمن من المغردين من وصف سلوك الناس بـ “العفوي والدفاعي “. ومنهم من رأى في تصرفاتهم دليلا على “انهيار فكرة القانون وانعدام ثقة المواطن في حدوث أي تعامل رسمي جاد”.

تحذيرات من”شريعة الغاب”

وقد اختلفت تقييمات المغردين لأداء الشرطة ولأسلوبهم في احتواء الموقف وما ترتب عنه من سلوكيات.

وحمّل البعض المسؤولية كاملة لرجال شرطة المرور منتقدا “تأخرهم في التدخل لإيقاف السائق”.

وبينما استعان مغردون بمشاهد من الأفلام للتندر على الطريقة التي تعامل بها رجال الشرطة مع الحادث “، أشاد آخرون بتصرفهم ووصفوه بـ “المتأني”.

ولم يسلم أحمد يوسف، مصور فيديو طريق السويس، من الانتقادات، إذ لامه البعض على تصوير الواقعة بدلا من الاتصال بالشرطة.

وحول الدافع وراء تصوير الفيديو، يقول أحمد إنه أراد توثيق ما فعله السائق وعرض الحقائق على “الرأي العام والمسؤولين كي يتم محاسبته”.

وتابع أحمد، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “صالة التحرير”، المذاع على قناة صدى البلد، أن “الواقعة الغريبة حدثت في التاسعة صباحا وهو موعد ذهاب الطلاب للمدارس والموظفين لأعمالهم”.

ووقف آخرون حائرين واستعصى عليهم تفسيرما حدث لكنهم اتفقوا على إدانة كل مظاهر العنف واللامبالاة التي باتت منتشرة في الفترة الأخيرة،على حد قولهم.

بينما دعا نشطاء الحكومة إلى مواجهة تلك المظاهر عبر النهوض بالمنظومة التربوية وتكثيف حملات التوعية “حتىلا يلجأ المجتمع إلى قانون الغاب أو يعود لأحكام قبلية لا تعترف بمفهوم الدولة”.

كذلك، يرى آخرونأن حادثة السويس وغيرها من الحوادث تستلزم مراجعة البرامج الخاصة بتأهيل عناصر الشرطة بالإضافة لتغليظ العقوبات لردع الناس عن ارتكاب جرائم مرورية.

وتتعدد أسباب وقوع الحوادث على الطرق السريعة في مصر، ومنها حالة الطرق، وعدم التزام بعض السائقين بالسرعة المحددة، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وحالة الطقس، وغياب القوانين الرادعة لبعض المخالفات الخطيرة أثناء القيادة، وغيرها.

وفي تصريح سابق لبي بي سي، قال وزير النقل الأسبق هشام عرفات، إن الخطأ البشري مسؤول عن 88-90 في المئة من حوادث الطرق في مصر.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *