... التخطي إلى المحتوى

لوسي بارسخيان – نداء الوطن 

توترت الأجواء على ابواب تجمع مولدات الكهرباء التابعة لشركة كهرباء زحلة في منطقة كساره مساء الاربعاء، على خلفية إعتراض مجموعة من اهالي عشيرة أبو جبل في حي العمرية ببلدة سعدنايل على قطع الكهرباء عن منازلهم، بعد امتناع جزء كبير من هؤلاء عن تسديد فواتيرهم للشركة منذ أشهر. فتوجهوا الى محطة الإنتاج، وملأوا المكان صراخاً وشتائم، ليتطور الامر لاحقاً رشقاً بالحجارة وإطلاقاً للنيران، ما استدعى تدخل القوى الأمنية والجيش اللبناني، قبل أن يفض الإعتراض في ساعات متقدمة من الليل، إثر تدخل للفاعليات كما ذكر، كان أبرزها لنائبي «حزب الله» رامي أبو حمدان وينال الصلح، إستعاد على اثره الحي التغذية، بعد تعهد مكتوب من مخاتيره لشركة كهرباء زحلة بتسديد المتوجبات وبتسهيل الجباية وعمل الجباة، وإعلان تمسّكهم بالشركة وبخدماتها، علماً أن الشركة كما جاء في بيان صادر عنها «ستتخذ كل الاجراءات القانونية اللازمة بحق المخرّبين الذين تعرّضوا لعمّالها ومنشآتها».

وكان أهالي الحي قد عقدوا سابقاً وفقاً للمعلومات أكثر من إجتماع مع مسؤولي شركة كهرباء زحلة، للمطالبة بتخفيض فواتير الكهرباء التي يقولون ان كثيرين لم يعودوا قادرين على تحمل أعبائها. وكان يفترض ان يعقد إجتماع آخر لحمل الشركة على التراجع عن قرارها بقطع الكهرباء عنهم، صباح الأربعاء، إلا انه لم يعقد، وهو ما دفع الى الحركة الإعتراضية ليلاً خصوصا بعدما فصلت بيوتهم عن شبكة الشركة منذ اكثر من 48 ساعة.

إلا أن مصادر في الشركة تقول ان قطع الكهرباء عن الحي، جاء إستجابة لطلب باسم القاطنين فيه للتوقف عن تغذية أهله من مولدات الشركة، والإكتفاء بتأمين ما توفره مؤسسة كهرباء لبنان، ليكتشفوا ان تغذية المؤسسة للمنطقة تكاد تكون معدومة.

ولفتت المصادر الى أن استمرار تغذية الاحياء من دون تسديد الفواتير سيتسبب بحالة فوضى وعجز شبيهة يما يجري في مؤسسة كهرباء لبنان، ومن هنا كان على الشركة اللجوء الى الحل الموجع، خصوصا أنها لا يمكن ان تحمّل القرى التي تدفع فواتيرها بانتظام مسؤولية من يمتنعون عن الدفع.

صرخة اهالي عشيرة أبو جبل في المقابل لم تجد لها تعاطفاً في باقي المجتمعات البقاعية التي تشكو معاناة مشابهة في تسديد قيمة فواتيرها. وبالنسبة لهؤلاء فإن الحفاظ على خدمات شركة كهرباء زحلة في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، ووسط العجز التام الذي تعاني منه الدولة ومؤسساتها، يبقى على رغم كل الملاحظات على اداء الشركة، أفضل من الوقوع في المجهول. وقد اجتمعت الأراء على ضرورة الحفاظ على النموذج المتوفر في شركة كهرباء زحلة، وخصوصا بعدما طارت المناقصة التي كان يعول عليها لتأمين الشفافية في الأرقام وتخفيض الفواتير، في وقت يتوقع ان يستغرق إعداد دفتر شروط لمناقصة جديدة وقتا يتجاوز آخر مهلة لإنتهاء ولاية الإدارة الحالية في نهاية العام، وهو ما يشكل ذريعة لإبقاء الحال على ما هي عليه بحجة الإستمرار بتسيير المرفق.

وقد أكد النائب جورج عقيص في تعليق له على الإشكالات التي وقعت في محيط منشآت شركة كهرباء زحلة على أهمية الحفاظ على نموذج شركة كهرباء زحلة. وجاء في بيان صادر عنه «أنه على رغم تفهمنا لوجع المواطن والاحوال المزرية التي يعاني منها، والغلاء الفاحش الذي يواجهه في كل احتياجاته اليومية، الا اننا نستنكر اشد الاستنكار قيام بعض المواطنين بالامتناع عن دفع فواتيرهم لمصلحة كهرباء زحلة واصرارهم مع ذلك على الحصول على الخدمة دون مقابل، والتطاول الامني على معامل شركة كهرباء زحلة بهدف الضغط عليها دون مسوغ مشروع».

وأهاب عقيص بالاجهزة الامنية «العمل على قمع اي تهديد امني تتعرض له اي من المنشآت العامة او الخاصة في قضاء زحلة»، مشددا على أنه «لا طابع طائفياً للأحداث التي وقعت في كسارة ليلاً بل هي توترات افتعلها خارجون عن القانون» وطالب «بمحاسبتهم ايا يكن انتماؤهم الطائفي»، مؤكداً «اننا لن نخضع لا لابتزازهم ولا لبلطجتهم المتمادية». ووعد بـ»المحافظة على نموذج كهرباء زحلة الذي شكّل طويلاً قصة نجاح مع محاولات جادة لتخفيض الفاتورة قدر الامكان، علما ان اطلاق العنان للغرائز لن يؤدي الا الى العتمة الشاملة التي سيدفع ثمنها اهلنا واقتصادنا من دون ان تستفيد الاقلية المحدثة للشغب بشيء».

كما صدر تعليق مشابه عن النائب الياس إسطفان الذي، مع إعترافه بالثقل الذي يتسبب به الإنقطاع المتكرر للكهرباء، وغلاء الفواتير، إلا أنه اعتبر أن ذلك لا يبرر اعمال العنف والتهجم على عمال كهرباء زحلة، ودعا الى الإقتصاص من الفاعلين منعا لتكرار الحادثة.

وعلق رئيس بلدية زحلة – معلقة وتعنايل أسعد زغيب على التوترات، معتبراً «أن عشيرة أبو جبل التي افتعلت المشكل هي أيضا من اللبنانيين بهذا القضاء الذي يحب النظام ويحترم القانون، ولذلك من حق هؤلاء أن لا تتخلى عنهم الدولة وتؤمن لهم الكهرباء، إنما تغذية شركة كهرباء زحلة هي خدمة خاصة، وبمقابل الخدمة التي تقدمها هناك بدل يجب أن يدفعه المواطنون، وإذا لم يكونوا قادرين على الحصول على هذه الخدمة يمكنهم التخلي عنها لتأمين مولدات خاصة أو إيجاد أي مصدر بديل، أما أن يتهجموا على عمال الشركة ومنشآتها فهذا عمل مدان، وهو ليس من شيم ابناء المنطقة التي تتميز بتنوعها، وهو يعطي صورة غير جيدة عن جماعة يفترض اننا نعيش معها كجيران. ونتمنى عليهم اعتبار أنفسهم تحت سلطة القانون والنظام بهذا القضاء. وهذا لا يعني أننا لا نستشعر حاجتهم وفقرهم وإنما هذه الحاجة وعدم القدرة على تسديد الفواتير موجودة في كل البلدات ولدى كل الطوائف، وهذا لا يعني أنه يمكنهم أن يحصلوا على كهربتهم من دون بدل».

وكان لافتاً أن تفض الإشكالات بمحيط شركة كهرباء زحلة على يد نائبي «حزب الله» ينال الصلح ورامي أبو حمدان. وفي دردشة مع «نداء الوطن» إثر خروجه من لقاء مع رئيس بلدية زحلة اسعد زغيب قال أبو حمدان إن تدخله جاء من منطلق «الحرص على المنشآت التي تؤدي خدمة عامة، ومنعا لتسلل الفتنة من خلال هذا الملف الى المجتمع البقاعي». ولم يكن ذلك لتشجيع أي طرف على إستخدام القوة للتهرب مما اعتبره مسؤولية في تسديد متوجبات الإستفادة من الخدمة الكهربائية، متحدثاً عن لقاءات سيعقدها مع ابناء العشيرة لمزيد من التنسيق في هذا الإطار.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *